سّدوح شخّصية فريدة من نوعها في حواره اربد.هذا الانسان له طابعه الخاص بكل جوانب حياته, يعرف (سدوح )باللفّة الخاصه للشماغ الاحمر او الابيض ويترك جزأ من مقدمة رأسه مكشوفة, وعادة ما يلّف اللثّام على فمّه . ويرتدي ايضا جاكيت قديم له جيوب كثيره دائما تكون ممتلئه بممتلكات خاصه بشخصيته .في جيوبه الداخليه مثلا يوضع الجزدان (محفظته )وتعتقد انه مليىء بالفلوس لكنه دايما محشو بالاوراق القديمه جدا ..وكل ورقه فيها ملاحظه لأسم شخص او لوصل قديم .ولا بد للسيد محمد الغزلان ( سّدوح ) من ان يحمل عصا او بالعامية قنوة وهو يفتخر بحملها لانه يعتقد دائما انها سلاحه الوحيد ومصدر قوّته ويخيّف بها الاوّلاد ويستعملها في (المشاجرات )التي دائما ما تكون نهايتها هرّوبه لانه كان يمتلك سرّعه فائقه في الهرّوب ولا يفارق القنّوة اطلاقا ,حتى في صلاته يضع القنّوه امامّه في الصّلاة ويعلّق عليها الخنّجر القديّم الذي يحّمله على جنبة تحت الزنّار ( الحزام )ومن ممتلكاته المّسبحه الطويله وقديما كان رفيقه الغليّون ويعرفه الجّيل القدّيم وهو وسيلة للتدخين قديمه حيث يوضع في جرّنه التّتن ( مادة الدّخان)ويوّلع بالنّار ثم يسحب الدّخان من عنق الغليّون الذي كان يمتاز بطول عنقه وأذكر المّرأة الطّوافه على حوارة المسماه ( مريفه ) والتي كانت تشتّهر بطول الغليون الخاص بها والغريب في شخّصّية سّدوح انّه يرتدي الثّياب الكثيّره والثقيلة في عّز الحرّ ( ايام الصيّف الشّديد )ويقول حسيب رأيه ان كثرّة الملابس تعطيّه برودة في الصيّف ودفىء في الشّتاء, ويرتدي حذاء كبيرا مما يعرفه الاردنيون بالبصطار ولا يهّمه ان يلبّس تحتّه الجوارب .كان سدّوح قديما كثير الترحّال بين الاردن وسوريا ولبنان وهو قصير ليس بطويل القامة, له نظرات ثاقبة تخيّف من لا يعرّفه.. وهو لا يعجبّه شيء ..دائم التعّليق على ايّ مشهد يراه. وتشتّهر تعليقاته بضبط القافيّة بما يعرف بين اهالي حوارة بمصّطلح السّدوحيّات وهي عبارات منظومة لها نفس الايقاع وتنتهي بقافيه موحّده.. عمل سّدوح على اضحاك الناس في الاعراس حين كانت تترك له الفرصّه بأن يغنّي او يرّد على الشبّابه فكان الكلام يخرج منه تلقاء نفسه موزونا بقافيه واذا طلبت منه اعادة ما قاله لا يمكنه ذلك كان سّدوح يجلس مع والدي رحمه الله ويبدأ في سرد مغامراته على الحّدود السوريّة مع حرس الحدّود وبعض مقالبه التي يفتخر بها مع كثير من شخصيّات في حوارة والتي لا تروق لسّدوح من اي باب .وكان شديد الانتقاد لمواقف الكثيرين وبالاخّص اقاربه , وممن يتعاملون معهم بكثره... فمن يتركه بحاله يسّلم ..ومن يتدخل في امّره يجد الوّيل من ردّه عليّه , فيعلق معه . يقول سّدوح (انا لا اخاف الا من ربّي )الا اننّي عرفته يخشى بعض الاشخاص ولا يقترب من ساحتهم .وهو ايضا لا يخاف ظلمّة الليّل وسواده, فلا يروق له الّا الخروج ليّلا ويحّب المشي وحيدا .قد هرم سدوح اليّوم ولم يعد له حول ولا قوة ولا اعتقد ان له راتب يعيشه او مصدر رزق يلتقط عيشه انه اليّوم يختلف عن سابقته تراه يحاول ان يخلص في صلاته ولا يجد من يعلّمه ذلك, لان الكثيرون لا يزالون يخشّون بدء الحديث معه فيصّلي كما يروق له ويجّهر في صلاة السّر ,كي يلفت انتبّاه الاخرين اليّه عندما يكون في المسّجد تشاهده وكأنك تحضر مسرحيّه هو بطلها, الكل في خطّبة الجمّعة صامتون الا هو ... ينتقد هذا وذاك... وعاش بيننا سدوح وما زال .. وما احسسنا بما يعانيّه وما عرفنا سّره . عاش يتيّما لم يتزوج ولم يفّكر بالزواج وها هو اليّوم وحيدا لا زوجه ولا ولد .. ينتظر الرحيل لا يخشى على ملك يتركه, ولا قصرا يهجره, ولا ذرية يودعّها , سيلقى ربّه بجيوب فارغه ,نتمنى على الله : ان يّصلح حاله ويغّفر ذنوبه ويكفّله برحمّته وعفّوه انه قريب من عبّاده انه الرحّمن الرحّيم .....