سر الوردة
هاشم غرايبة
5/15/2011
لا بد أن الشخص الذي قال: درب الحياة ليست مفروشة بالورود شخصاً غير يقظ! أقول العكس، درب الحياة مفروشة بالورد، كل ما على المرء القيام به هو نقل الحركة من الداخل إلى الخارج. من اللاوعي إلى الوعي!.. والإجراء بسيط، نسيناه لشدة سهولته وبساطته:
الانتباه!
عندما تمشي راقب مشيتك. عندما تأكل انتبه لطعامك، عندما تعمل ركز في عملك.. فقط لا تستمر بالمشي على غير هدى. ولا تحشو بطنك بصورة ميكانيكية، ولا تمارس عملك والعقل في مكان آخر.
اننا نفكر بألف شيء وشيء فيما نقوم بعمل واحد. عندها لا نكون واعين تماماً لما نقوم به، لذا لا نحسن عملنا. لا نحسن حتى الاستمتاع بطعامنا..
كل ما علينا القيام به الانتباه، واليقظة، وأن نستغرق تماما فيما نقوم به.
وأنا اكتب هذه الكلمات الآن علي أن أفكر فقط فيما أكتب.
انس العالم كله بينما تتناول الطعام. كُل واستمتع. عندها تأكل حاجتك فقط. وتمضغ ما تستمتع بطعمه فقط.
عندما تمشي، فقط امش. عندما تصغي، قط اصغ. عندما تتكلم فقط تكلم، عندما ترسم فقط استغرق في الرسم.
انتبه. وكن واعيا لكل إشارة، لكل فارق دقيق يبعدك عن المسار. وبالتدريج ستكتشف قوتك الكامنة وتتقن الحياة.
لقد ولدنا ولدينا قوة كامنة عظيمة. لكنها كامنة وحسب. يمكن أن نموت دون أن ندركها. وقد نضِلّ الهدف إن لم نتحرك عن وعي ويقظة.
إن بقينا مجرد خشب يطفو على سطح الماء تحت رحمة الرياح والأمواج. إن بقينا عرضيين، عابرين للسبيل بلا يقظة ولا انتباه؛ عندها يكون احتمال الضياع كبيرا. وهذا ما يفسر الشقاء الذي نراه لدى كثير من البشر. ليس للشقاء سبب خارجي دائما، غالبا ما يكون السبب في الداخل ونفتش عنه خارج أنفسنا. أصل الإرباك يأتي من فقدان الهدف: عندما يشعر المرء بشيء ما مفقود. لا يعرف بالضبط ما هو.. عليه أن يفتش داخله بلا كلل حتى يعثر عليه.
هناك ما هو أكيد: كل إنسان يحمل داخله بذورا لم تنضج. شيء ما لم يزهر بعد في عقله وروحه.. البذرة مغلقة على أسرارها. تكون البذرة عادة عرضة لاحتمالات شتى من البؤس والنجاة.. البذرة ليس لديها اتصال مع الفضاء وفرحه، ومع النوازل وصدفتها، لكن سرها هو توقها لمعرفة الحياة. البذرة صفتها الصمت في دفء التربة، واليقظة لأول نقطة ماء. ويوما ما تنفلق البذرة، ذلك هو يوم الفرح، عندما تنتش البذرة وريقاتها اليانعات، وعندما تتفتح زهرتها يكون اكتمال الفرح ..
وحدها الزهرة قادرة على الرقص في مهب الريح، وتحت وابل المطر، وتتحمل الشمس الساطعة.. وحدها القادرة على أن تغني أغنيتها. وحدها تشعر بالانسجام مع الوجود، وحدها تبتسم للفضاء الرحب فتعرف قوس قزح، والنحلة، والقمر، والغيمة، وأنواع الطيور وهي تسعى نحو الاكتمال والرضا. الزهرة عرضة للاحتمالات أيضا: قد تذبل وقد تكسر أذا سهونا عنها، وقد تصير ثمرة يانعة، أو بذرة تضمن دورة الحياة.
عادة ما نكون ألف شيء وليس شيئا واحدا. بداية اتحد مع ذاتك، مع بذرتك واصمت حتى تزهر وردتك، ثم اندمج مع الكل، مع الكون إن شئت.
عندما تنتبه للكامن فيك وتزهر وردتك يخضر الربيع، وتصبح أنت عطرا فواحا جميل الحضور!
عندما أدركت خصوصيتي في وحدة الكل، صارت حياتي شعرا وموسيقى، وتعرفت على ألوان قوس قزح.