خدمة علم
زاوية هاشم غرايبةSunday, August 22, 2010
حصل مناف على معدل 77.8 بالتوجيهي. لكنه مكمل بالفيزياء..! (مش ولا بد يا مناف)..
راح مناف يعمل سقاء في اربد. ينتع قوارير الماء إلى الحافلة، ثم يعتلها فرادى أو مزدوجة من بطن الحافلة إلى البيوت والدوائر والمؤسسات والجوامع والكنائس والمحلات التجارية..
يعود مناف من عمله مرهقاً ومندهشاً مما يرى ويكتشف!
- اليوم نتعت قارورة للطابق الرابع. ثلثين بنايات اربد ما فيها اصنصير. ما وصلت لن نفسي مقطوع. دقيت الجرس. طلعت علي الست تقول: معلش خالته بدنا كمان قارورة. حاضر. جبت الثانية. قامت تفاصلني ع السعر! اشي يجنن.. (ربك يعين يا مناف).
- كان أبو حسن الشوفير يرتب القوارير والقلنات بالسيارة، وقامت دحلت قارورة وهو مش منتبه، نطيت ولقيتها بيدي فانصدعت.. حرام. لو وقعت وانسطحت يغرموه ثمنها.. (كبير يا مناف).
- لمّا أشتغل وردية بعد الإفطار يكون الوضع أحسن. معظم مشاويرنا ننقل مي للمقاهي والمطاعم.. ع القليلة نشرب طاسة شاي. نوكل حبتين قطايف.. لكن شو نعمل إذا أجانا (أوردر) على بناية ما فيها ضو درج، والجيران مختلفين ع الكهرباء؟ (زودتها يا مناف).
- بتعرف يابه، هاي اربد مش اربد واحدة. هاي اربد طلعت إربدات..
(خطـيــر يا مناف!!)
مضى على خبرته كسقاء شهر واحد:
- صار يعرف كل طرقات اربد وحاراتها.. ولأنه يدخل الزقاقات والبيوت؛ فهو مندهش من تباين أنماط معيشة البشر وسلوكياتهم في الحي الواحد، وفي البناية الواحدة، وفي الأسرة الواحدة. (بتفرق بين تطلع عليك هي ولا جوزها، ومين يتناول قلن المي منك هو أو أخوه..)
- صارت وحدة القياس عند مناف هي قارورة الماء. (كيلو الخيار بليرة! يعني لازم اعتل عشر قوارير مي مقابل كيلو خيار.. أما كيلو اللحمة؟.. يوميتي ما تكفي!)
- يدعي مناف أن نصف أهل اربد لا يصومون! ( تشم الشاي المغلي وانت بالشارع!)..
- مع موجة الحر الأخيرة أفتيت له بالإفطار فأبى.. (عيب ع الرجال يابه).
- صار مناف يتضامن مع زملاء مهنته. ويتعاطف معهم.. (مين اللي سلمت عليه يا مناف؟.. /زميل.. من النقابة./ أي نقابة يا ولد؟ /نقابة السقايين يابه../ أهلاً !!)
- اكتشف مناف أن العمل عبادة..( نتعت عشرين قلن مي لجامع الهاشمي.. الناس مدشدشة ومبطحة تحت المراوح والكندشنات، وانا بفاهق من العطش. مين أجره عند الله أكثر!)
- تحسنت طريقة تعامله مع زملائه وإخوانه. وصارت غرفته مرتبة..
- صار أكثر ثقة بنفسه، وصار يعرف ما يريد بصورة واضحة، وصار يعي إمكانياته بشكل أفضل.
صار لمناف دفتر مذكرات. وصار يعرف أهمية الوقت. وصار بجعبته من الحكايات ما يكفي لكتابة رواية!
ينبغي أن أشكر الذين وضعوا أسئلة الفيزياء لطلبة التوجيهي هذا العام، فبفضلهم تعلم مناف ما لا يمكن أن يتعلمه لو غادر المدرسة مباشرة إلى الجامعة..
أعتقد أنه من الضروري تفعيل قانون خدمة العلم ..