*هاشم غرايبة
أفاخر بقريتي..
رغم التنظيم، والتقسيم، والأوتسترادات، وهجمة المباني المعلبة ذوات الأربع طبقات.. فما زالت حوارة تنتج قمحاً وزيتوناً وجعابير..
رغم خراب الحواكير، وإهمال البيادر إلا أن المرار والسناريا والبسباس والدفلى والصبار على جوانب الطرقات تدعو المتأمل ليستمتع بجمالها، فما زالت حوارة قادرة على إبهاجنا بزهورها الزرقاء والصفراء والبيضاء الناعمة تزين سناسلها..
(لا أتصور حوارتي بلا أشواك وزهور.. وتلك الكرات الريشية ذات الزغب الأبيض المتطاير على مصاطبها..)
رغم رحيل أبراج الحمام البيضاء عن السطوح، وتهشم الجرار المرصوصة على الجدران تغري اليمام ليعشعش فيها.. فما زالت رفوف الحمام تزين فضاء قريتي، وما زال هديل اليمام يؤنس وهج ظهيرتها.
رغم هدير المركبات، وأضواء الشوارع الليلية، والأسوار الإسمنتية الرصينة؛ فما زال النسناس قادراً على الوصول إلى صيصان خالتي.. وما زال نشيد عصفور القمري قادراً على إيقاظ شمسها كل صباح.
رغم هيمنة قيم الفردية والأنانية. إلا أن شباب قريتي ما زالوا يؤمنون أن صلاة الجماعة خير من صلاة الفرد.. فقاموا بتنظيف وتنظيم مدخل البلد. ودهنوا الأطاريف بالأسود والأصفر عند التقاطعات المرورية الهامة. وقاموا بتنظيف المقبرة من الأشواك وتقليم أشجارها. وأقاموا ندوة تكريمية للراحل العلامة (الدكتور فاخر عاقل) بوصفه أحد مؤسسي (دار المعلمين الريفية في حوارة).. ورائد العمل التطوعي فيها.. وسيقيمون حواراً مفتوحاً حول قانون الانتخابات الجديد.. ويعدّون العدة للاحتفال بعيد الاستقلال.
رغم الترويج لمقولات "حنتش بنتش واللي يلحق ينتش"، و"كل مين ايده اله". و"اللي بتكسب به العب به".. إلا أن ما ينوف عن مئة شاب تطوعوا بوضع طاقاتهم، وأوقات فراغهم في خدمة مجتمعهم المحلي. وأطلقوا حملة (مثقال ذرة) لتشجيع الناس على إماطة الأذى عن الطريق، والعمل على حماية البيئة، والالتزام بالنظافة العامة، ومكافحة التدخين، واحترام القانون، والعناية بالمرافق العامة.
رغم أن الناس صاروا شيعاً وقبائل، "وكل واحد صار يوخذ حقه بذراعه".. إلا أن شبابنا يؤمنون بالعمل الجماعي الواعي المنظم لتكون قريتنا مكاناً أفضل للعيش"، ومن أجل أن تظل حوارة قرية آمنة، ولـ " تعزيز روح الفريق" ولـ" التعاون على جلب المنافع ودرء المفاسد"..
لقد آثر شباب (لجنة العمل التطوعي في حوارة) أن يكون العمل والإنجاز قبل التقدم بطلب الدعم والمساندة. فقاموا بـحملة (إماطة الأذى عن الطريق).. وحملة "مثقال ذرة".. وحملة "تبرّع بالدم" شارك بها أكثر من خمسين متطوعاً، واعتبروا أنفسهم بنك دم متنقل.. وهم جاهزون للتبرع بالدم لكل محتاج.
العمل الميداني هو الذي دلّهم على مواطن الخلل، وهموم الأهالي.. لم تزودهم مؤسسة بقمصان دعائية، ولا "لبسهم أحد طواقي"، ولا تبرعت لهم جهات راعية بالماء والعصير، ولا تابعتهم عدسات الإعلام، فهم يجمعون المال من بعضهم بعضاً لتسيير نشاطاتهم، ولديهم الكثير من العمل والأفكار التي عرضوها على محافظ اربد الأكرم فلم يقصر في دعمهم، ومساندتهم لتوظيف طاقات الشباب للخير العام خدمة لمجتمهم، واعتزازا بمواطنتهم ووطنيتهم.
عطوفة خالد أبو زيد محافظ اربد الأكرم، رعى باهتمام نشاطات لجنة العمل التطوعي، وعقد اجتماعاً للمجلس التنفيذي في قرية حوارة، واستمع إلى مطالب المواطنين، ووعد بالدعم والمساندة. فله جزيل الشكر، وجميل العرفان. ولشباب العمل التطوعي التوفبق والفلاح..
الشكر موصول أيضا لمن شاغبوا، ولمن سخروا، ولمن شككوا، ولمن تقاعسوا، ولمن نكصوا.. فدروب حوارة واسعة الصدر تتسع للزهور وللأشواك أيضاً. بقلم هاشم غرايبه