ياه كم كبرنا!
الانتقال إلى بيت جديد يذكرك بأنك عتيق، ويحتم عليك نبش كل محتويات البيت، ويخرج كل المسكوت عنه لسنوات في الزوايا المنسية، والأرفف العالية، وسدة المطبخ.. فترمي أشياء لا لزوم لها، وتوظب "كراكيب" لا أهمية لها من باب "حوينتها"، ويدهش الأبناء بأنهم كانوا يلعبون ويفرحون بهذه الأشياء الساذجة قياسا للتطور التكنولوجي الهائل على ألعاب الكمبيوتر اليوم..
تعثر على بيجر صغير كنت تلقيت بواسطته خبر وفاة الوالد قبل عشر سنوات، تترحم عليه وعلى الراحلين، وتدهش كم تطورت الاتصالات خلال العشر سنوات الأخيرة!
تكتشف ربة البيت أن مسند الكنبة المكسور والمسكوت عنه لسنوات يستوجب تغيير طقم غرفة الضيوف بالكامل، فتنشب حرب أهلية حول ما يرحل معنا، وما يستغنى عنه.. وما ينبغي استبداله.
يجد ابنك الصغير "برنسا" مغربيا أحضرته ذات سفرة لأخيه الذي كبر وصار شابا، فيختال الصغير فرحا بالرداء وكأنك أهديته له للتو.. وتنثال ذكريات رحلة قديمة إلى فاس ومكناس ومراكش، فتحن لسفرة إلى تلك البلاد الجميلة من جديد.. ترى هل ستكون بلادا جميلة كما كانت في تلك الرحلة قبل خمسة عشر سنة؟
أمي - أطال الله عمرها- لا يتملكها الحنين إلى الماضي، تقول:
" يقطع قبل، وحياة قبل، طين وشطط وحصيدة وسليقة.. انقلي مي وحطب، وزبلي الفرن، وغربلي وكربلي كل عمرك.. اليوم الناس بألف نعمة، حطي إيدك ع الحيط تطلع مي، حطي يدك ع الحيط تشعلي الضو".
.. لكن أمي ككل الأمهات العتيقات، لا تحب البعزقة، كانت تصنع من ملابسنا التي نستغني عنها أغطية صيفية خفيفة.. لكن هذه "اللحف" الخفيفة استقرت في قاع "المطوى"، أو تحت فرشة السرير.. هل آن أوان الاستغناء عنها؟.. هذه الأغطية الخفيفة رغم أن بعضها لحق به عفن الرطوبة لقلة الاستعمال، إلا أنها تحمل أرشيفا كاملا لملابس العائلة عبر تبدلات الموضة، ونمو الصغار، وسمنة الكبار.. هذا "مريول" أختي عندما كانت في "المترك"، وتلك قطعة من دشداشة أبي التي عاد بها من الحج، وهذه قطعة " تي شيرت" مكتوب عليها "جامعة بغداد"، وذاك الدب إهداء من صديقة كركية لما كان الولد البكر طفلا، وقطعة من فستان أحمر كان جدي – له الرحمة ولترابه الغيث - يحب أن يراه على زوجتي أول ما تزوجنا، وتلك قطعة من يافطة انتخابية بقي منها عبارة "يدا بيد" ..
كانت أشياء عزيزة علينا في حينها، وبعضها يظهر في ألبوم الصور بهيا ومتألقا، هل سيعني الحفاظ عليها وفاء لماض قلّ الحنين إليه؟
ثمة "كراكيش" تثير سيلا من الذكريات الحميمة، ولكن هل ستعني شيئا لزوجة الابن إن ورثتها؟!
المكتبة، وما أدراك ما المكتبة! .. توظيب المكتبة للرحيل من اختصاص رب المنزل. أليس كذلك؟
كتب مغلفة بغلاف آخر من أيام السجن، كتب عليها تواقيع أصدقاء رحلوا، وكتبٌ أخرى عليها تواقيع زملاء من أقطار شقيقة وبلاد بعيدة أكاد لا أتذكر ملامحهم.. كتبٌ هامة لم أكن أعرف أنها بحوزتي: تاريخ الجبرتي، لامية العرب، صحراء التتار.. ورواية "الزمن المفقود"! بالإضافة لذكريات ثورية محمولة في كتيبات دليل المناضل، وسلسلة كتاب خطرون، ومجلات ثقافية سادت ثم بادت..
ثمة كتب مجلدة تجليدا رصينا، إنها بقايا مكتبة أبي: حميات في الغرب لسليم خياطة، ومعالم الحياة العربية الجديدة لمنيف الرزاز، وثمن إسرائيل لألفريد ليلنتال، وأعداد من " مجلة التمدن الإسلامي " التي كانت تصدر في دمشق، وكتب محي الدين بن عربي كلها..
أبي كان قارئا جيدا، وهو ككل الأرادنة من جيله انخرط في القوات المسلحة، وعمل في البناء، ثم اقتنى دكانا متواضعا في القرية، بالإضافة لكونه مزارعا في كل المراحل.. هذا الفلاح خريج السادس ابتدائي كان يقرأ "معالم الحياة العربية الجديدة لمنيف الرزاز" في الستينات.. ولكني أتساءل عن مصير هذا الكتاب الذي أعيد إصداره عن دار نارة مؤخرا لأهمية الرؤى التي يحملها لواقعنا اليوم، هل سيلقى اهتماما من المثقفين، والسياسيين، وحملة الشهادات العليا!
يحين أوان الرحيل، ينتقل أبنائي إلى البيت الجديد منشغلين عني بوصلات الكمبيوتر والانترنت والستلايت، وأنا جالس على الأرض أتصفح هذا الكتاب حينا، وأرشح ذاك الكتاب للاستغناء عنه، وفي هذه الأثناء استعيد كتابا ومجلة كنت رشحتهما للخروج من مكتبتي الجديدة.. يستوقفني كتاب "الزمن المفقود" لمارسيل بروست.. أبحث عن نظارتي فأكتشف أنها سبقتني في الرحيل.
المكتبة مازالت مبعثرة في الصالون القديم، وملامح الحياة الجديدة يمسك بخيوطها جيل جديد.. أحبه لأنه لا يسير على خطانا.
زهو المشمش
العمر كله "جمعة مشمشية"، تذوب حلاوته في روحك مثل التوت: حبة إثر حبة.. أو تتساقط أعوامه عند إشارات المرور، مثل أوراق الرزنامة: رزمة إثر رزمة..
التوت يهطل على عتبة بيت أمي حبة إثر حبة مثل أيام العمر: أحمر وأبيض وبين بين.. والمشمش صار أصفر، وتلون خده بالأحمر، وزهر الرمان أطل بنجومه الزاهية من بين خضرة الشجر الداكنة، وألواح الصبار الشوكية أخرجت تينها مكللا بتويجات حمر وصفر وبنفسجية تشده المتأمل فيها، ونبات "الشمّام" بدأ يطرح يانع "جعابيره" الخضراء المخططة.. و"شماريخ السناريا" الفضية أظهرت مخملها الليلكي المياس، وكأنها تلوح لنا مودعة.
أقف مشدوها أمام بيدر العدس الذي كاد منظره يختفي من حياتنا، فأخال نفسي أمام غابة جبلية كثيفة تعكس كل ألوان الطبيعة بتناسق باهر! وأتذكر أيام كنا نشتري بحفنة عدس كمشة مشمش، لا نكتفي بعسلها، بل نثني ببذورها، نكسرها، ونأكل لبها.. أو نثقبها، ونفرغها، ونصنع منها ألعابا مسلية.
ما أجمل الصيف! وما ألذ المشمش!
نعم، ولّى الربيع ، وانطفأت حمرة الدحنون، وذبل الأقحوان، واصفر العشب، و"استوى العدس"..
الربيع هو فصل الغواية والجمال، ولكن من قال أن بقية الفصول أقل جمالاً من فصل الربيع؟! ..
شجرة "الجميل" التي أمام بيتي لها رأيها، فهي تقضي الربيع عارية من الخضرة، وتزهر في الصيف، ويستمر عطاؤها الأخضر طيلة فصلي الخريف والشتاء، وتتساقط أوراقها في أول الربيع!
غواية تبدل الفصول تثير في نفسي أسئلة الوجود:
لماذا ارتبط إحساسنا بالحياة بمكيف الحرارة: حامي بارد، في حين تمر الفصول بصخبها وألوانها وتنوعها بعيدا عنا؟!
لماذا نشعر بالملل أمام مخرجات الفن الراقي، ونتابع باهتمام مشاهد القتل والدمار، ونتظاهر بالسخط عليها؟!
ما الذي فعلته بنا ثقافة الصورة؟!
لماذا نطمس ما فطرنا عليه من حب للخير، وتذوق للجمال، ثم نثرثر عن "فقر الثقافة البصرية" في مجتمعاتنا؟!
من يقنعني أن لوحات "شخبط لخبط" التشكيلية، تستطيع أن تسرقني من غيمات الصيف الهاربة كل صباح؟!
ومن يقول أن سينوغرافيا "عجق لجق" أحقّ بوقتي من مشهد هلالٍ أعيدُ اكتشافه أول كل شهر؟!
لاشك أن "الحياة عبر ثقوب الخزان" علمتني تذوق جمال الطبيعة، والتيه في التفاصيل الجميلة للأشياء، ولكن ليس هناك سبب للنظر إلى "الحياة عبر ثقوب الخزان"، والنظر إلى "جمال التفاصيل ومعالم الطبيعة" باعتبارهما أمرين يعارض أحدهما الآخر، عالم الوجود فيه سلسلة من الحالات المتناقضة.. حتى الموت هناك من يجمله: .. جمال ابو حمدان ألف كتابا عن جمال الموت، وفخري قعوار كتب مراسيم جنازته بصورة فكاهية، وهزاع البراري خاض سجالا مع الموت في روايته تراب الغريب.. لعل جمال الموت هو وحده القادر على اختراق خرائب هذه الأرض، وهو القادر أن يسخر من قوة التدمير العصر ية.. كان المرحوم تيسير سبول، لما تدلهم الخطوب من حوله، يبتسم، ويشهر سبابته عند صدغه، ويقول: " طز، راسمالها تك" . وفعلها.. تك ، وانتهي كل شيء بالنسبة له.. لم يعد هناك أحزاب، ولا خطب رنانة ، ولا حروب، ولا هزائم، ولا مؤامرات..
هناك طريقان تسلكهما أيام العمر:
طريق تمر عبر سحر الكون المتجدد أبدا، تشعرك كل يوم أنك ذاهب لحبيب تشتاقه، وأنك وهبت يوما جديدا لتعيشه بعمق.. طريق تتنفس عبره صباحات العمر بشوق، وتعيش لحظاته بحبور، مثل تساقط حبات التوت العسلية في كفّ طفل.
وطريق تمر عبر الأنفاق، والجسور، والإشارات الضوئية، مارة بالواجهات الزجاجية، ومعارض السيارات، ودرجات البنوك، والأرصفة الضيقة.. فتجد نفسك أمام مشهد ثابت راسخ؛ تبدلاته لا تدهش، ولا تبهج، بل تجعلك سجينا يتأفف من برد الشتاء، ورذاذ الربيع، وحر الصيف، وغبار الخريف.. وإذا بالعمر يمضي، وتتساقط أيامه عند إشارات المرور مثل أوراق الرزنامة.
لكن المشاهد الجميلة لا يتعين بالضرورة أن تكون متعاطفة مع الإنسان دائماً. وما يسمى "الرتابة والتكرار" في درب الأنفاق والجسور وإشارات المرور ليس مقيتا يالضرورة، فرغم رضوخنا لتقاطعات المعاش، وواجبات كل يوم. ورغم أننا نعيش – تقريبا- زمنا دائريا مكررا.. ننام. نصحو. نذهب إلى العمل.. عبر نفس المشاهد، و نقابل الوجوه ذاتها بتنويعات هامشية.. نتغدى. نتمدد. نشاهد التلفاز. نقرأ. نكتب. ننام.. ونتشبث بقوة برحلتنا الدائرية كل يوم. إلا أن متعة العمل وسط هذه الرزنامة الرتيبة تبدو شيئا جوهرياً، شيء يمكننا من تحمل المرور السريع والعبثي للزمن.. وبعد العمل يمكننا التقاط إجازاتنا المكررة والرتيبة ونستمتع بها.. أنا –مثلا- أحب الأفلام عن الحيوانات البرية، وأتابع أفلام الحروب، وأثناء مشاهدتها أكون قد خرجت مؤقتا من الزمن الدائري.. لكن التكرار ينتظرني بمجرد خروجي من دار السينما.
دعنا نذهب إلى رحاب الجنس أيضا. في الجنس ما أن يتغضن الغطاء الخارجي له حتى يغدو هو ذاته قديما.. تشتد التجاعيد فيغدو كالجديد مرة أخرى.. ولكننا نعرف أننا بمجرد الخروج من مدارته، سنجد اليوم العتيق ذاته، في أعقاب الأمس العتيق عينه.
نعم، ليس بوسع المرء الاستغناء عن التكرار في الحياة. بل إن الإنسان يجد المتعة والراحة في الرتابة والتكرار. وهناك من يذهب إلى أن الهدف النهائي للإنسان هو الاستسلام للكسل والرتابة: .. ألا يوعد الناس في الجنة بأن "حبة الفاكهة تسقط في الأفواه دون عناء قطفها".. ألا تعدنا الرأسمالية "بالوفرة" التي تريحنا من شقاء العمل.. وتعدنا الاشتراكية بأن "من كل حسب طاقته، ولكل حسب حاجته". ألم توفر لنا التكنولوجيا فرصة أكبر للكسل بحيث صرنا نفتح الشباك بالرموت كنترول!
نبض القلب تكرار جميل ورائع.
لكن نبض القلب ليس هو كل ما في الحياة.
__________________

المطر غزير ..ومع ذلك زارتني امي
وصلت شبك الزيارة شبه مبللة.
أحضرت لي دجاجا مطهوا بالزيت والثوم.. والاهم خبز الطابون الطازج الذي احبه.
حاولت أن تقبلني لكنها لم تتمكن بسبب ازدحام المكان.. بكت وتنحت قليلا.. أول مرة منذ مدة طويلة
تطفر الدمعة من عيني وأخفيها بسرعة ..
انفرجت زحمة الزوار قليلا .. عادت أمي باسمة .. تحدثنا عن الدار والموسم الزراعي .. سألتها عن همة والدي معها فزجرتني بلطف.. تنقلت بين التفاصيل ..سالت عن الاخوة والأخوات .. الأحفاد والحفيدات.. الغنم والدجاج أيضا .. وفي السياسة تحدثنا ايضا.. كنت في بداية الحبس اضطر لطمأنتها بان الحبس لن يطول ، وكانت تلح علي أن اترك ما في رأسي أعود اليها.. الآن تقول اللي قطع البحر مش عاجز عن البحيرة ).. ( ما يقطع الراس غير اللي ركبّه ).. لا تتكلم كثيرا ، لكنها تشد أزري بطريقة لذيذة لا تجيدها إلا الأمهات.. ( نايفة خلفت ولد أسمته هاشم ).. تلمع عيناها بفرح طفولي وهي تضيف :

( صاروا سبعة بحواره على اسمك )..

فول اخضر.. بيجاما.. جرابات شتوية .. جرزة صوف نسجتها أختي نجاح .. رائعة زيارة الام.
أبي.. هذا الرجل الوقور الحازم ، تقول عنه أمي عنه حين تريد إطراءه نقطة منه تصلب بحرا).. دائما يبتلع الامها.. يرتفع فوق شكاياتها.. في نظرها ما زال قادرا على إيجاد حل لكل معضلة.
اجل أبى بإخلاص ومودة.. طابور الرجال أطول من طابور النساء على باب السجن .. يصل أبي متأخرا ومبللا دائما كان ياتي الى البيت متاخرا ومبللا وقت المطر.. يسلم باقتضاب لكن بحرارة .. حدثني بما سمعه من أحداث العالم ، وتدرج إلى أحوال العرب ، وانتهى إلى سياسة قريتنا : الصراع على المجلس البلدي .. نقاشات المضافة .. مواقف عرفاء القوم.. أفراح أهل حواره واتراحهم.. إشكاليات الزواج والطلاق ، والموت والميراث .. ما حل منها وما تعقد.. يصمت قليلا تاركا المجال لامي .. لكني استزيد .. يبتسم .. أبي ليس زعيم قومه ، لكنه محبوب بينهم.
تشاركا أبي وأمي الحديث وهما يوجزان لي إنجازاتهما في زراعة الزيتون الخلة الشرقية ، أو في بناء سنسال للكرم القبلي ، أو بيع ماشية ، أو إقامة وليمة.. ويستشيراني فيما هما مقبلان عليه من مشاريع ، فارد عليهما: ( اللي تشوفوه ) .. يغتما.. من عادتي أن أعارض أو أشجع ، في السجن لم اعد كذلك .. زرعوا قمحا أم وفروا الأرض لخضار الصيف .. لم اعد اهتم . قد يكون ذلك لأني لم اعد أشارك بجهدي فاشعر أن آرائي لا قيمة لها.. يؤلمني ذلك.
يشرب أبي شايه بتؤدة متنحيا قليلا لامي .. إنها

تتحسس وجهي وكتفي وتتفقد ملابسي.. تدعي دائما أنى نحيف ولا البس ما يكفي لمواجهة البرد .. لماذا تصر أمي على تلمس وجهي وتفقد جسمي في كل مرة ؟! .. إنها تطلب مني أن ابتعد قليلا عن حاجز الشبك الذي يفصلنا كي يتسنى لها رؤية قدمي وماذا انتعل .. هل تخاف تصورات ابن أخي في أول مرة زارني ؟ .. للأطفال تصورات ساذجة لكنها فذة.. قالوا له يومها (كيف عمك ؟ ) .. (عمي مبسوط وبيضحك بس مقصوص نصّه).
فجأة يبدآن النقار .. يتواجه أبي وامي تاركاني على الحياد .. فرصة لأتفحصهما جيدا ؛صوت أبي خيول ليل شاردة .. صوت أمي عسل بري .. يقترب وجهاهما من بعضهما البعض في محاولة لحسم النقاش .. أمي ربعة القامة ، فهي تشرأب بوجهها إلى الاعلى.. أبي معتدل الطول ، فيبدوا منحنيا بقوة لا تخلو من حنان .. تتوقد عيونهما إيمانا بما يقولان .. أبي عيناه سهول حوران الخضراء.. أمي عيناها بن وسكر.. أمي حنطة نقية .. أبي شجرة باسقة.. أمي تحاول أن تخدع الحكومة .. تحسب المدة التي قضيتها أطول مما هي.. أبي يحسب بدقة ويعرف السنين والشهور والأيام التي انقضت والتي ستنقضي .. لكن أمي لا ترضى أن تسلم بالحقيقة وتصر بعناد ريفي أصيل .. يستدير أبي مستعينا بي على إقناعها ، لكني افضل أن أبقى على الحياد.. ينظر أبي إلى ساعته ويوصيني بالإكثار من قراءة القران .. اصمت.. يسأل عن الجديد في حياة السجن.. يشتد هطول المطر .. تتمتم أمي : سنة خير إن شاء الله.
يسألني أبي عما أريد .. أوصيه بغمزة (دير بالك على أمي ) .. لم يحدث أن طلبت منهم شيئا طيلة وجودي هنا ، ولم يحدث أن احتجت شيئا إلا أتوني به دون أن أصرح بما اريد.. يسحب أبي طرف ( فانيلا ) ذات كم طويل من تحت ملابسه.. ( دافية.. أجيب لك مثلها ؟ ) .. تسال امي.. ( المرة الجاية شو اطبخ لك ؟.. كوسى محشي وورق دوالي.. كم واحد ربعك ؟ )
تنهال وصاياهم بالتتابع.. ( قلل من التدخين.. تغطى كويس.. ) ، عندها اعرف أن الزيارة أوشكت على الانتهاء.. يودعني أبي ثم أمي .. يمشيان خطوة مبتعدين.. خطوتين .. يصير نقر حبات المطر متقطعا على سطح شبك الزيارة المعدني.. صوت الدلف في بيتنا القديم.. تعود امي.. ربما بعينيها وصية
لم تجرؤ على قولها أمام ابي.. تهمس بأذني ( صلّ يمه بلكي تفرج ).. يبتسم أبي فهو يعرف الوصية جيدا.. لعله يود قولها بنفسه ، لكنه دائما يأخذ نفسه بالشدة..
يمشيان كمن نسي شيئا لا يعرف ما هو .. أحسّ كالعطشان لشيء ما..
الأزمة في صدر أبي ضغطها واضح على صوته وهو يودعني.. الغضروف في ركبة أمي يعكس آثاره على مشيتها بعد وقفة طويلة ..
دائما يقلقني مرضهما ولا أسالهما عن التفاصيل .. فهما دائما بخير!

Howwarah

بقلم / المدير العام للموقع - فادي مرعي حداد ـ E-mail:[email protected]

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 687 مشاهدة

موقع حوارة اربد الالكتروني يرحب بكم فادي مرعي حداد

Howwarah
يتكون مجتمع بلدة حواره من اربعة فئات موضحة كما يلي: الفئة الاولى وهم سكان البلدة الاصليين الذين عاشوا وتناسلوا فيها منذ بدأت نشأتها ويقال ان عشيرة الكراسنه هي من اول العشائر التي سكنت هذه البلدة وكان شيخهم ابو الكرسنه يعمل في فلاحة الارض ويمتلك معظم اراضي حواره ثم جاءت بعدها »

تسجيل الدخول

ابحث في موقع حوارة

عدد زيارات الموقع

4,859,673

الى ابناء حوارة في العالم اجمع

تحية لك لكل افراد عشائر حواره المتواجدين فيها وفي العالم اجمع. نناشد ابناء هذه العشائرالكرام التواصل معنا والمشاركة في هذا الموقع كي يتم التعريف بهذه العشائرالطيبة في هذا البلد الطيب حوارة اربد كل التحية والاحترام والتقدير لكم فأهلا وسهلا ....... * احب ان احصي لكم العشائر التي تقطن حوارة حاليا على النحو التالي :ـعشيرة ال غرايبه وعشيرة ال شطناوي عشيرة ال حداد وسمور وعشيرة ال لوباني وعشيرة ال شرع وعشيرة ال جمال وعشيرة ال رواشدة وعشيرة  ال كراسنة وعشيرة ال خطيب وعشيرة ال صوالحه وعشيرة ال غزلان وعشيرة ال عفنان وعشيرة آل طشطوش وعشيرة ال ملكاوي وعشيرة ال روابده عشيرة آل كيلاني عشيرة ال خليلي وعشائر اخرى مثل آل ابو سل - وال الريماوي وال بداوي وال البلعاوي وآل الشمري وآل النعيمي اوالسبروجي وال زيناتي و ال الرجوب وآل قرم و آل التاج وآل هنداوي وآل العلاونه وآل خليفات وأل عبويني وآل ابو حماد وآل الفوارس وآل شرعة وآل معابره...................  

* احِب ان اوْثَق الْدَّوَاوِيْن المَنْشَأة  فِي بَلْدَة حُوّارَة ارْبَد حَتَّى الْيَوْم وَهِي عَلَى الْنَّحْو الْتَّالِي :- 
1- دِيْوَان عَشِيْرَة الغْرايِبِه الْجَدِيْد قُرْب مَسْجِد الْهَامِل 
2- دِيْوَان عَشِيْرَة الشَطَنَاوِي مُقَابِل كُلِّيَّة نُسَيْبَة الْمَازِنِيَّة 
3- دِيْوَان عَشِيْرَة الشَطَنَاوِي ال مَحَاسِنُه شَرْق مَدْرَسَة حُوّارَة الْثَّانَوِيَّة لِلْبَنِيْن 
4-دِيْوَان عَشِيْرَة الشَطَنَاوِي ال دَاوُوْد غَرْب مَبْنِى بَلَدِيَّة حُوّارَة 
5- دِيْوَان عَشِيْرَة الشَطَنَاوِي ال طَّنّاش1 شَمَال مَدْرَسَة حُوّارَة الْرِيَادِيَّة لِلْبَنَات
6- دِيْوَان عَشِيْرَة الشَطَنَاوِي ال طَّنّاش 2 الى الشمال كلية نسيبة 500 م 
7- دِيْوَان عَشِيْرَة الشَطَنَاوِي ال مُطالِقة شَرْق مَدْرَسَة حُوّارَة الْرِيَادِيَّة لِلْبَنَات 
8- دِيْوَان عَشِيْرَة الْحَدَّاد وَسَمُّوْر وَسَط الْبَلَد جَنُوْب مَسْجِد الرِّضْوَان 
9- دِيْوَان عَشِيْرَة الِلُوَبَانِي وَسَط الْبَلَد شَمَال شَرْق الْاشَارَة الْضَّوْئِيَّة 
10- دِيْوَان عَشِيْرَة الْشَّرْع وَسَط الْبَلَد مُقَابِل الْمَرْكَز الصَّحّي حُوّارَة 
11- دِيْوَان عَشِيْرَة الْجَمَال 1 قُرْب مَدْرَسَة حُوّارَة الْثَّانَوِيَّة لِلْبَنَات 
12 -دِيْوَان عَشِيْرَة الْجَمَال2 الَى الْشِّمَال مِن مَحَطَّة الْمَحْرُوْقَات ب800 مِتْر 
13 -دِيْوَان عَشِيْرَة الْرَّوَاشِدَة 1 جَنُوْب مَسْجِد الْايْمَان 
14-دِيْوَان عَشِيْرَة الْرَّوَاشِدَة 2 شَارِع حَيْفَا بَغْدَاد الْوَادِي الْغَرْبِي 
15- دِيْوَان عَشِيْرَة الْكرَاسِنّه وَسَط الْبَلَد جَنُوْب مَسْجِد عُثْمَان بْن عَفَّان  
وَفِي الْخِتَام ارْجُو ان اكُوْنَ قَد وُفِّقْت فِي حَصْرُهَا وَوَصْفُهَا وَاللَّه الْمُسْتَعَان