![]()
أتفرج على فرقة رقص أسبانية تعرضها شاشة التلفاز.. وأقلب صفحات كتاب «كأن شخصا ثالثا كان بيننا» وهو نصوص أدبية كتبها زياد خداش يتخللها رسومات بالأبيض والأسود لجاد سلمان.. أولادي منشغلون في «دوري الليغا»، وإبداعات لاعب الكرة الأرجنتيني «مسّي».. ومنقسمون بين برشلونة ورويال مدريد!. زوجتي تفرم السبانخ « تحضّر لطبخة بكرة» وتسأل عن غبار بركان أيسلندا ومضاره.. يرن أحمد الجميل على هاتفي ليذكرني بـ «اليوم الطبي المجاني» في أطار حملة العمل التطوعي في حوارة.. وأفكر في جملة سأغير بناءها في مخطوط روايتي الأخيرة.. انتهى برنامج الرقص أكتشف أن فرقة الرقص مكسيكية وليست اسبانية.. (عبأتنا السينما الهوليودية ضد المكسيكيين بحيث صرنا نستكثر عليهم هذا الأداء الفني الراقي!) . ظهر مذيعوا نشرة الأخبار.. (نتنياهو مش مورع).. أهرب إلى الكتاب.. أبحث في نص زياد خداش عن مستشفى المطلّع في القدس الذي ولدت فيه، وعن وادي الجوز الذي ضعت فيه، وعن الدكان الذي اشترى لي أبي منه كرة قدم ذات «تقديسة»، فيسرقني نص زياد خداش إلى عشق امرأة بملامح زهرة المدائن، ومخطوط يتحدث عن زمن مضى محشو في جدار كنيسة القيامة، ولا تدلّني رسومات جاد السلمان على وسيلة لردع نتنياهو!. أُنصت لأولادي لأفهم «أسطورة مسّي» فأجدهم قد اختلفوا حول «جول» الفيصلي الذي لم يحتسب، وعن «معجزة» فوز شباب الأردن على الوحدات.. «إحمد الجميل» يشكو شغب أهل حوارة على «مبادرة العمل التطوعي».. 94 شب من جمعية حوارة الخيرية نظموا حالهم، وكرسوا جهودهم لخدمة قريتهم (شو فيها). (جمّلنا مدخل البلد، ونظمنا السير في السوق، وعشّبنا المقبرة الشرقية.. ويقولوا أبصر شو ورا هالسالفة! يمكن احمد الجميل بده يترشح للانتخابات)! . قلت له: (حط بالخرج يا احمد، اللي بده يترشح للانتخابات يطبخ مناسف، ما يشيل مكانس وطوريات). يضحك إحمد الجميل: (واحد من قرايبنا بهدل أولاده على مشاركتهم بالعمل التطوعي. صيّح عليهم: لو قلت لكم انكشوا ع الزيتونات، و نظفوا العشب حوالي الدار لـ قلتوا لي جيب مصري.. لكن بس زمر لكم هاشم لبديوي قمتوا تركضوا).. حاصله يا أحمد. لا فلان ولا علان يلم الناس. عمل الخير هو الذي جمّع الشباب.. (مش أحسن من لعب الشدّة والمجاحرة). تلم زوجتي الجريدة على فضلات السبانخ، وتنظف عدّة الفرم:( السبانخات ما بكفوا لطبخة بكرة، نصهم عشب).. وتعطيني درساً في: (كيف تشتري حزمة سبانخ جيدة).. وأعطيها درساً عن البراكين وغبارها استقيت مادته من الفضائيات التي شغلتنا بغبار ايسلندا طيلة الأسبوع.. فتقول زوجتي « قلّة غبرة عندنا!.. هو كان ناقصنا». هدأ الليل. أطفأت التلفاز. نام الأولاد. وحدي في الصالون. أكملت قراءة زياد خداش.. وأغلقت الكتاب على زياد وهو يسأل الشخص الثالث: «من أنا يا سيدي؟ ومن أين الطريق إلى بيتي؟؟».. فتحت الكمبيوتر. ضغطت على أيقونة الرواية: «القط الذي علمني الطيران». قلّبت صفحات ذاكرتي لأصحح الجملة التي أعدت صياغتها، فلم أجدها.. كأن شخصاً ثالثاً خطفها!.



