احمد حسن الزعبي
خاص بـ خبرني
كان منظره يثير دهشتنا ، ويثيرها أكثر عندما يضع "حُرجة" المسامير على خصره ، ويدخل الشاكوش في جناد "الحُرجة" بحركة سريعة قافزاً بين الخشب ..ليذكرنا بأبطال "الكاوبوي" عندما يطلقون النار على الخصم ثم يضعون المسدس في بيته الجلدي المتدلي على خصورهم.. كان مماطلاً ، ومتعدد الطلبات بنفس الوقت ، كل خمس دقائق ينادي على والدي: أبو محمّد!! بدنا "أسلاك تربيط، ابو محمد مسامير 6، ابو محمد!! أساور حديد، أبو محمد!! حلقات ،ابو محمد قضبان 6 ميل" وفوق كل هذا لا يأكل الباميا بلحمة، ولا يشرب الماء البارد... وعندما يشعر بتذمّرنا وضجرنا من كثرة أخطائه في تقدير الكميات وبطء انجازه وطلباته المتكررة ،كان يلهينا بعمل لا طعم له ولا لون وهو: " تعديل المسامير"..يقف بالقرب من والدي يحكّ رأسه من تحت طاقية القش وهو يقول له" ابو محمّد..(خلي الأولاد يعدّلوا هالمسامير المطعوجة وينظّفوا طبشات الخشب منها...حرام تروح نزاع)...بتلك الكلمات كان يمتص غضبنا ويشعرنا أن عملية تعديل المسامير سوف تعني تعديل مسار العمل لا محالة..لذا كنا نمضي وقتاً طويلاً ونحن نبحث عن المسامير الواقعة و"المطعوجة" بين كُتل الاسمنت والحجارة والخشب المكسور لنقوم بتعديلها وتجميعها ليعاد استخدامها..كانت تتورّم أصابعنا نتيجة انحراف المطرقة عن ظهر المسمار المطعوج ومع ذلك نصرّ على العمل وتعديل ما أمكن ..متوهمين ان سبب بطء العمل وكثرة أخطاء معلم الطوبار هي من المسامير المطعوجة التي تنحرف عن رغبة الزند...وفي اليوم التالي نأخذ فرحين حصيلة "تعديلنا" للطوبرجي"قفة ملآنة"...ودون ان يراها أو يرانا كان يركنها جانباً ويفتح "باكيتاً" جديداً...مضت خمس سنوات كاملة حتى سقفنا غرفتينا المتواضعتين...ومرّت نصف أعمارنا ونحن لم نتعلّم بعد ان "تعديل" المسمار "المطعوج" لا يعني تعديل "ألزند المطعوج".. معروف البخيت.. تورّمت أصابعنا من كثرة التعديل..http://www.sawaleif.com